قرار خطأ مهد لنجاح الحملة الصليبة
قرار ملكشاه مهد لنجاح الحملة الصليبة |
خطأ غير مقصود فعله السلطان السلجوقي “ملكشاه” ، أدى الى تغيير مجرى التاريخ ومزق الدولة ، وأدى الى نجاح الغـزو الصـليبي
في العام 1072م ، تبوأ السلطان “ملكشاه” الأول عرش الدولة السلجوقية بعد وفاة والده “ألب أرسلان” وتحت قيادته شهدت الدولة أوج قوتها وإتساعها ، حيث إمتدت حدودها من الصين شرقًا إلى مضيق البوسفور غربًا ، ومن القوقاز شمالًا إلى المحيط الهندي جنوبًا و كانت قوة السلطان وجــيشه تضاهي أقوى الجــيوش في العالم آنذاك ، وأخذت دولة الروم تدفع الجزية طائعة ، دون أن تجرؤ على التمرد أو التلكؤ.
في تلك الفترة تميز “ملكشاه” بحنكته وذكائه ، حيث قام بنقل مقر الحكم من (الري) إلى (أصفهان) ، محولًا إياها إلى عاصمة مزدهرة تجمع بين القوة العسـ ـكرية والتطور الثقافي والعلمي وكان السلطان يرسل جــيوشًا لصد الأعداء وتوسيع رقعة الدولة ، ليؤكد بذلك أن الدولة السلجوقية لا تقهر.
نقل ولابة العهد
ففي لحظة ضعف وإنصات لرغبات زوجته المدللة “تركان خاتون” ، قرر “ملكشاه” نقل ولاية العهد من ابنه الأكبر “بركيا روق” ، إلى إبنها الصغير “محمود” ، ربما تخيل السلطان أن ابنه “محمود” سيتربى تحت نظره ، يتعلم فنون الحكم ويستعد لقيادة الدولة ، لكن القدر لم يمنحه تلك الفرصة ، إذ وافته المنية فجأة في شوال سنة 485ھ – 1092م ، وهو لا يزال في ريعان شبابه ، لم يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره.
وهكذا نشبت النار في هشيم الدولة السلجوقية ، أعلن “بركيا روق” نفسه سلطانًا ، مما أشعل حــربًا أهلية بين أنصاره وأنصار “تركان خاتون” و ابنها “محمود” و تفرقت جــيوش السلاجقة بين الطرفين ، وسالت الـ ـدماء في صراع على السلطة ، ولم يكن هذا سوى بداية الفوضى.
عندما سمع ملك الشام “تتش” بالخلاف بين أبناء أخيه ، لم يتردد في إعلان نفسه سلطانًا على الدولة السلجوقية و كان “ملكشاه” قد كلفه قبل موته بمهمة إنتزاع موانئ الشام من العبيديين والزحف على مصر للقضاء على الدولة الفاطمية ولكن “تتش” تخلى عن تلك المهمة ، واندفع نحو النزاع على السلطة ، وخضع قادة السلاجقة في الشام له ، وزحف بجــيشه على مدن الجزيرة الفراتية ، وإستولى عليها و تتالت المعــارك ، والتحمت الجــيوش ، لكن الهزيمة كانت حليف “تتش” بسبب خيانة بعض قادته الذين إنضموا إلى “بركيا روق”.
عاد “تتش” إلى الشام ، وقتل والي (حلب) “آقسنقر” الذي تخلى عنه في المعــركة ، وجمع قوات جديدة وزحف مرة أخرى على (أصفهان) ولكن هذه المرة كانت نهايته ، حيث قــُتل في المعــركة الشرسة التي دارت بينه وبين “بركيا روق” في عام 1095م.
بموته تمزقت الدولة السلجوقية إلى شظايا ، و أعلن كل صاحب مدينة نفسه ملكا ، ولم يعد بوسع أي منها التصدي للغــزو الصــليبي الذي بدأ عام 1096م و إنقسمت مملكة “تتش” في الشام بين ابنيه ، “رضوان” الذي حكم (حلب) ، و”دقاق” الذي حكم (دمشق).
ودارت الحرب بين الأخوين ، مما أضعف الشام ، وأدى إلى نجاح الحملة الصــليبية التي وجدت في الإنقسام والتشتت حليفًا غير متوقع.